0 تصويتات
في تصنيف مقالات ونصوص فلسفية باك 2024 بواسطة (628ألف نقاط)

هل يمكن التمييز بين الإحساس والادراك 

مقالة فلسفية حول التمييز بين الإحساس والادراك 2023 

مرحباً بكم طلاب هذا العام الدراسي الجديد 2023 2024 يسرنا بزيارتكم في موقعنا باك نت أن نقدم لكم شرح ملخص تحليل النصوص الفلسفية المنهج الجديد كما نقدم لكم الأن أعزائي طلاب وطالبات العلم ما يأتي.. تحليل نص السؤال الفلسفي هل يمكن التمييز بين الإحساس والادراك 

الإجابة هي 

هل يمكن التمييز بين الإحساس والادراك؟

طرح المشكلة:

إن علاقة الإنسان بالطبيعة يحددها ذلك السعي إلى محاولة فهم العالم الخارجي والتواصل معه، فلما كانت الحواس هي القاسم المشترك بين جميع الكائنات الحية كانت هي الوسيلة الأولية للاتصال بهذا العالم فتشكلت عن طريها عملية الإحساس كحادثة فيزيولوجية بسيطة أو معرفة مباشرة تتم عن طريق تأثر إحدى الحواس بمنبهات خارجية بهدف التكيف مع العالم الخارجي، ولما كان العقل هو السمة الأساسية التي ميز بها الله عز وجل الإنسان. استطاع من خلاله أن يقوم بمجموعة من الوظائف تساعده في فهم وإدراك العالم الخارجي ومن بينها الإدراك، إذ يعرف بأنه عملية عقلية معقدة تنظم المعطيات الحسية وتفسرها وتعطيها معنى بناء على الخبرات السابقة ووظائف عقلية أخرى كالتذكر والتخيل والذكاء، غير أن هذا التنوع في عمليات التكيف مع العالم الخارجي خلق جدلا بين أوساط المفكرين والفلاسفة حول طبيعة العلاقة بين كل من الإحساس والإدراك فهناك من يرى أنه يجب الفصل بين الإحساس والإدراك إلا إن هناك رأي آخر يرى أن الإحساس والإدراك عملية واحدة ولا يمكن الفصل بينهما هذا ما يدفعنا إلى طرح الإشكال التالي: هل يمكن التمييز بين الإحساس والإدراك؟ وبصياغة أخرى هل الإحساس والإدراك منفصلان أم أنهما عملية واحدة؟

محاولة حل المشكلة:

الأطروحة الأولى:يؤكد رواد النزعة الفلسفية التقليدية على ضرورة التمييز بين الإحساس والادراك، إذ يعتبر الادراك ظاهرة مستقلة عن الاحساس انطلاقا من ان الاحساس ظاهرة مرتبطة بالجسم فهو حادثة فيزيولوجية ومعرفة بسيطة، أما الادراك فهو مرتبط بالعقل أي عملية معقدة تستند الى الى عوامل كالتذكر و التخيل والذكاء، وموجه الى موضوع معين فيكون بهذا الاحساس معرفة اولية لم يبلغ بعد درجة المعرفة بينما الادراك معرفة تتم في الزمان والمكان ويمثل هذه النظرية كل من الاتجاه العقلي والتجريبي.

حيث ترى النظرية العقلية منذ سقراط وأفلاطون أن معرفتنا عقلية وأن الحواس قاصرة على إمدادنا بأي معرفة لأنها معرضة للخطأ وأن العقل يتدخل كل مرة لاصلاحها ومنه فالادراك يتقدم على الاحساس فأنصار هذا المذهب يرون ان المعرفة الحقيقية تعود إلى العقل لان قضاياه صادقة صدقا ضروريا لا يتطرق اليه الشك، فالعقل قوة فطرية لدى جميع الناس وأحكامه ضرورية وأولية حيث يقول ديكارت : "ان العقل هو أعدل قسمة بين البشر"، فقواعده عامة ثابتة لا تكتسب من التجربة فديكارت يعتقد ان الحدس هو نور فطري يمكن العقل من ادراك فكرة ما دفعة واحدة وهذا الادراك واضح لانه لا يعتمد على شهادة الحواس و في نفس الاتجاه سار كل من سبينوزا، ماليبرانش ،لايبنز حيث يقول ديكارت :"إني أدرك الأشياء بمحض ما في ذهني من قوة الحكم ما كنت أحسب أني أراه بعيني"، لأن الحواس لا تنتج أي قيمة معرفية حيث يقول أيضا " إن الحواس خاضعة ومن الحكمة أن لا نطمئن لمن يخدعنا و لو مرة واحدة " و بالتالي تفصل هذه النظرية بين الإحساس و الإدراك و تحصل العملية الإدراكية في العقل و قدراته فهو الذي يسمح بإدراك المكعب مثلا رغم العين لا ترى منه إلا تسعة أضلاع و ثلاث أوجه و هذا ما توصل إليه آلان و بالعقل ندرك البعد الثالث و به يمكن تقدير المسافات فلا وجود للأشياء خارج الذهن حيث يقول باركلي " وجود الشيء قائم في إدراك أنا له " أي أن وجود الاشياء مرتبط بالذات ، ويقول ويليام جيمس: " لا يحس الراشد الاشياء بل يدركها".

و يرى االاتجاه الحسي أن إدراك الإنسان للأشياء يتوقف على التجربة والإحساس، وليس على العقل والإدراك المجرد ، فقد ذهب الرواقيون قديما إلى أن مقياس المعرفة الحقة ليس تلك الأفكار التي كوناها بأنفسنا وصنعناها بأذهاننا ، بل لابد من العودة إلى المصدر الذي استقينا منه أفكارنا الكلية أي التجربة الحسية، لأن نفس الطفل لا تشتمل على أي نوع من المعارف المسبقة أو الفطرية فهو يبدأ في تحصيلها بعديا شيئا فشيئا بواسطة خبرته الحسية. كما ذهب الفيلسوف الإنجليزي "جون لوك" إلى أن الإنسان لا يصل إلى المجرد إلا بالانطلاق من الملموس، حيث قال : " الحواس والمدارك هما النافذتان اللتان ينفذ منهما الضوء إلى الغرفة المظلمة ( أي العقل ) ". كما قال أيضا : " ليس في العقل شيء جديد إلا وقد سبق وجوده في الحس أولا " لأن من فقد حاسة فقد المعاني المتعلقة بها. ويتفق الفيلسوف الانجليزي "دافيد هيوم" مع لوك في رد الإدراك إلى الإحساس، إذ حصر مفهومه في نطاق الانطباعات الحسية الناتجة عن تأثر الأعضاء الحسية بخصائص الأشياء.

النقد: صحيح أنه لايمكن انكار دور العقل في عملية الادراك لكن هذا ليس معناه انه يبدع دون معطيات حسية، ولا يمكن للحواس منعزلة بدون عقل ان تفسر المفاهيم، ومن هنا يمكن القول بأن يستحيل الفصل بين بين الإحساس والإدراك، فالادراك يحتاج الى الحواس حيث يقول الجرجاني :" الإحساس إدراك الشيء بإحدى الحواس".

نقيض الأطروحة: يؤكد علم النفس الحديث على عدم إمكانية التمييز بين الإحساس كما ان الفلسفة الحديثة تنظر الى الإحساس والإدراك بأنهما عملية واحدة بل ان الادراك ما هو الا شعور بالإحساس أو جملة من الإحساسات حيث يقول ريد:" الادراك هو الاحساس المصحوب بالانتباه"، ويمثل هذا الموقف كل من النظرية الجشطالتية، والظواهرية.

 فالنظرية الجشطالتية أخذت إسمها من جشطلت اي الشكل يمثلها كوفكا، كوهلر.... حيث يرى هؤلاء أن الإدراك لا ينفصل عن الإحساس و انه ليس مرحلة ثانية بل هو منذ البداية إدراك ويؤكدون على فكرة النظرة الإجمالية للشيء فنحن لاندرك المثلث من رؤية ثلاث زوايا منفصلة أو ثلاثة خطوط متقاطعة بل ندركه ككل، هذا الكل هو الذي يفرض إدراكه بصورة معينة ومن ثم يصبح المحسوس هو العنصر الأساسي في الإدراك و ليس الذات بحواسها و أفكارها وهذا الشيء المحسوس و الأشياء الأخرى الموجودة في العالم الخارجي منتظمة في صيغ معينة حددها الجشطالتيون و أطلقوا عليها قوانين الانتظام و هي: قانون التجاور أي أن الموضوعات إذا تجاورت في صيغة معينة فإنها تفرض على المدرك أن يدركها حسب الوضعية الموجودة عليها، قانون التشابه من حيث الشكل و اللون و الحجم فالأشياء المتشابهة يسهل إدراكها، قانون الاستمرار الذي يفرض إدراك الموضوع على صيغة معينة إذا انتظم مثل: شكل النقاط المستمرة، قانون الإغلاق يميل المدرك إلى تكملة الأشياء الناقصة، قانون الشكل و الأرضية يحتم على المدرك إدراك الشكل و تمييزه عن الأرضية دون أن يحدث العكس هكذا كانت العوامل الموضوعية هي المتحكم في عملية الإدراك فنحن ندرك مثلا اللحن الموسيقي ككل و ليس كأصوات صادرة عن آلات موسيقية كل على حدة.

أما النظرية الظواهرية فترى بأن الادراك يتوقف على تفاعل و انسجام عاملين هما الشعور و الشيء المدرك و حجتهم في ذلك أنه إذا تغير الشعور يتغير بالضرورة الادراك ومن دعاة هذا الاتجاه هسرل ، و حسب *النظرية الظواهرية من ظاهرة / * .Phénomène, يجب الإكتفاء بوصف "ما يظهر" أي المعطى المعاش دون الإعتماد على فروض و نظريات و دون التمييز بين الإحساس والإدراك يقول ميرنوبونتي " إن العالم الموضوعي هو نتاج متأخر لشعونا وأن الشيء الأول هوإدراكنا أو إن شئت ،إن الإحساس بالمفهوم التقليدي هو أثر متأخر يصدر عن الفكر و هو يتجه نحو الأشياء "إذن الظواهرية تفسر الإدراك انطلاقا من العوامل النفسية كالشعور و العاطفة و الإرادة يسميها ايدموند هوسرل E.Husserl بفعل الادراك . و ما يؤكد ذلك أن ادراكنا للعالم الخارجي لا يكون ثابتا ، بل متغيرا حسب حالتنا النفسية ، ففي الحزن نرى العالم كئيبا اسودا ، و في الفرح نراه جميلا ملونا ، و في الخوف نراه مرعبا و هكذا ...، وأثر العاطفة يتضح في أن الشخص الذي نحبه مثلا لا ندرك فيه الا المحاسن ، أما الشخص الذي نكرهه لا نرى فيه الا المساوئ ، و يتجلى دور الإرادة في توجيه الوعي نحو الموضوع المدرك لأن الأشياء التي لا نهتم بها و لا تثير انفعالاتنا تبقى خارجة عن ساحة الإدراك ، و ينفي ميرلوبونتي Merleaupounty أن تكون الأشياء الخارجية موضوعا للإحساس أو للعقل ، بل هي موضوع للشعور و المعاناة و الحياة ، فلا خوف بدون شيئ مخيف ، و لا حزن بدون شيء محزن ، إذن كل إدراك يدل على العلاقة بين ذات الذات المدركة و الموضوع المدرك.

النقد: إن الجشطالتيون ركزوا على العوامل الموضوعية وأقصوا العوامل الذاتية فكيف يمكن إدراك موضوع بدون ذات مدركة، وعلى النقيض اهتمت الطواهرية بالعوامل الموضوعية و ركزو على الجانب الشعوري الحالة النفسية للذات المدركة، كما أن جعل الإحساس والإدراك عملية واحدة مبالغ فيه لان طبيعة الإحساس الفيزيولوجية تختلف عن طبيعة الادراك العقلية.

التركيب: من هذا التحليلي نصل إلى إن المعارف الإنسانية ناتجة عن تكامل تفاعل بين الاحساس الذي يتميز بطابع البساطة والإدراك الذي يتميز بطابع التعقيد وهذا ما يسمح بالارتقاء من عالم الصور الحسية إلى عالم الصور العقلية، بمعنى أن الإحساس هو الممول الأول للإدراك فلولا وجود الإحساس لما وجد الإدراك والعكس صحيح وهذا ما يؤكد عليه الفيلسوف ريد في قوله: " الإدراك هو الإحساس المصحوب بالانتباه".

خاتمة 

حل المشكلة: وفي الختام يمكن القول بأن التجربة الفردية تثبت أن الإنسان في اتصاله بالعالم الخارجي وفي معرفته له ينطلق من الإحساس بالأشياء ثم مرحلة التفسير و التأويل فالإحساس مميز عن الإدراك لأنها يسبقه منطقيا وزمنيا، للكنهما متكاملان متصلان وظيفيا حيث يقول كانط: "المفاهيم بدون حدوس حسية تظل جوفاء، والحدوس الحسية بدون مفاهيم عمياء".

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (628ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
هل يمكن التمييز بين الإحساس والادراك

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى موقع باك نت، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...