مقالة مفصلة حول أهمية المنطق الأرسطي، هل مراعاة قواعد المنطق الصوري تعصم الذهن من الوقوع في الخطأ في التفكير
بكالوريا 2022 2023 bac الجزائر
أهلاً بكم طلاب وطالبات الباك 2023 في موقعنا باك نت .baknit.net الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية موضوع النص الفلسفي الجدلية والمقارنة والاستقصاء بالوضع كما نقدم لكم بقلم أستاذ الفلسفة الاجابة الصحيحة لجميع دروس والمقالات الفلسفية المتوقعة والمقترحة في باك جميع الشعب الفلسفية كما نقدم لكم الأن أعزائي الطلاب والطالبات مقالة مختصرة وهي إجابة السؤال .... هل مراعاة قواعد المنطق الصوري تعصم الذهن من الوقوع في الخطأ في التفكير
وتكون اجابتة الصحية هي التالي
مقالة مفصلة حول أهمية المنطق الأرسطي
نص السؤال: هل مراعاة قواعد المنطق الصوري تعصم الذهن من الوقوع في الخطأ في التفكير؟
الأسئلة المشابهة:
هل يكفي أن نعرف قواعد المنطق الصوري حتى نكون في مأمن من الأخطاء؟
هل المنطق الأرسطي هو علم التفكير الصحيح؟
هل التعرف على قواعد المنطق الصوري يمكننا من تمييز صحيح الفكر عن فاسده؟
هل المنطق الأرسطي هو الضامن الوحيد لسلامة التفكير الإنساني؟
هل المنطق الصوري منتج أم عقيم؟
هل مبادئ العقل تضمن سلامة التفكير؟
هل يمكن الاستغناء عن المنطق الصوري؟
المقال:
يتميز الإنسان بميزة جوهرية وهي العقل، وهو قاسم مشترك بين جميع الناس، فهو ملكة ذهنية لا تتحرك حسب الأهواء والمصادفات، فمنذ بدأ الإنسان بالتساؤل عن الوجود ومظاهره كان يفكر، بمعنى أنه يستدل ويحكم دون معرفة منه لما يطلق عليه مسمى علم المنطق، أو حتى ينتبه إلى موضوعه تماما، كما كان يتكلم دون أن يعلم شيئا عن علوم اللغة من نحو وصرف، وتطلق كلمة المنطق في اللغة ويراد بها أحد معنيين: نطق خارجي ويقصد به الكلام، ونطق داخلي ويراد به العقل والبرهان. ولقد احتدم الجدال والنقاش في الأوساط الفكرية والفلسفية حول أهمية وقيمة المنطق وعلاقته بالتفكير السليم، وانقسموا بذلك إلى اتجاهين: الأول يرى أنصاره أن المنطق الصوري هو العلم الذي يبحث في المبادئ والأسس العامة للتفكير المجرد، وفي القواعد الضرورية التي يسير عليها الفكر حتى يميز بين الخطأ والصواب في جميع الموضوعات دون تمييز، وكأنه آلة تضمن صحة التفكير، بينما يرى أنصار الاتجاه الثاني أنه منطق شكلي قاصر لا يضمن صحة التفكير وسلامته وبالتالي يمكن الاستغناء عنه. من هنا ولرفع التعارض والجدال بين الموقفين حق لنا أن نتساءل: هل التعرف على قواعد علم المنطق الصوري ومراعاتها يضمن صحة التفكير؟ وبعبارة أخرى: هل يمكن اعتبار المنطق الصوري أداة فعالة للتفكير لا يمكن الاستغناء عنها؟ أم أن المنطق مجرد تفكير نظري صوري يقوم على قواعد ثابتة لا تواكب تغيرات الواقع وبالتالي يمكن الاستغناء عنه؟
أكد عدد من المفكرين، الفلاسفة وعلماء المنطق، وعلى رأسهم الفيلسوف اليوناني "أرسطو"، "الفارابي" و "ابن سينا" أن مراعاة قواعد المنطق الصوري تضمن سلامة التفكير. انطلاقا من مسلمة مفادها أن المنطق الصوري هو العلم الذي يتناول مجموع الشروط والقواعد الفكرية التي يقوم عليها التفكير السليم، ويعد "أرسطو" مؤسس هذا المنطق بنظرية محددة القواعد تعمل على عصمة الذهن من الوقوع في الخطأ وتبعده عن التناقض مع نفسه، لهذا اعتبره "آلة العلم وصورته" مؤكدا على قيمته وأهميته، وهو بهذا يكشف لنا أن المنطق فن وصناعة تحدد صورة التفكير الصحيح وقواعده، وتعلمنا كيف نفكر وفق وحدات وشروط إذا التزم بها الفكر وطبقها عصمته من الخطأ. والدليل على ذلك: أن ملاحظة جميع وحدات المنطق الصوري (التصورات والحدود، التعاريف، الأحكام والقضايا، الاستدلالات) نجدها تؤسس لدقة علمية، وبناء فكري محكم، وفحص مضبوط للمقدمات وفق قواعد كلية يسلم بها العقل تلقائيا بغض النظر عن مضمون المعرفة وموضوعاتها، ومن هنا يكون في وسع الفكر القدرة على كشف الأخطاء والأغاليط، والابتعاد عن التناقض، وتحقيق انسجام الفكر مع نفسه. مما يعني أن تلك القواعد لها دور كبير على إدارة المعرفة الإنسانية التي ينتجها الفكر الإنساني وإقامته العلوم الحسية والعقلية عليها، فها هي مثلا قواعد التعريف التي تنتمي إلى مبحث الحدود والتصورات ساعدت كثيرا الباحثين على ضبط مصطلحات ومفاهيم علمهم بفاعلية ووضوح وموضوعية أكبر. وتزداد هذه العملية ضبطا وأهمية خاصة إذا تعلق الأمر بالتصورات الخاصة بمجال الأخلاق والسياسة والحقوق والواجبات...كذلك أن استخدام مبحث الاستدلالات والاستدلال المباشر(بالتقابل وبالعكس) والاستدلال غير المباشر خاصة إذا تعلق الأمر بالقياس الحملي والقياس الشرطي لديه فائدة كبيرة في تحقيق الإنتاج السليم للعقل من خلال تحديد الضروب المنتجة من الضروب غير المنتجة، وهذا يؤدي بنا إلى الكشف السريع عن الأغاليط في شتى المعارف باختلاف مشاربها. لهذا اعتبره "الفارابي" رئيس العلوم لنفاذ حكمه فيها يقول: "صناعة تعطي في الجملة القوانين التي من شأنها أن تقوم العقل وتسدد الإنسان نحو طريق الصواب و نحو الحق"، وبين غاية هذه الصناعة قائلا: "وحدها تكسبنا القدرة على تمييز ما تنقاد إليه أذهاننا هل هو حق أو باطل". وعرف "ابن سينا" المنطق من حيث غايته وثمرته وفائدته فقال: "الآلة العاصمة للذهن عن الخطأ فيما نتصوره ونصدق به والموصلة إلى الاعتقاد الحق بإعطاء أسبابه ونهج سبله". وقد أشاد به "الغزالي" أيضا في مقدمة كتابه "المستصفى في علم الأصول" واعتبره معيارا للعلم قائلا: "إن من لا يحيط به فلا ثقة بعلومه أصلا". وبناء على هذا تظهر قيمة المنطق وقدرة قواعده على تحقيق انطباق الفكر مع نفسه وضمان صحة التفكير و تجاوز الأخطاء. ومن الأدلة التي اعتمدها أيضا أنصار المنطق الصوري لتأكيد أهميته البالغة. أن إعمال العقل وتوجيه نشاطه الفكري، وترتيب معارفه ومكتسباته ومعرفة الصحيح والفاسد منها، يقتضي إدراك كيفية توافق وانسجام النتائج مع المقدمات، وكل ذلك طبعا لن يتحقق إلا بالتعرف على مبادئ العقل التي وضعها "أرسطو". وهي مجموع المبادئ التي تنظم المعرفة، وتنسق أفعال العقل في بحثه عن الحقيقة، وتسمى بالمبادئ المديرة للمعرفة، وهي مبادئ أولية عامة، مشتركة بين كل العقول، واضحة بذاتها لسنا في حاجة للبرهنة عليها، لذلك فهي شرط أساسي لسلامة العقل ونشاطه، وضرورية لبناء توافق وانسجام بين النتائج والمقدمات، وإحداث اتفاق ممكن بين العقول. ومن أبرز هذه المبادئ العقلية: مبدأ الهوية. والذي يعني أنه لا مغايرة بين الشيء وذاته، فحقيقة الشيء تبقى ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، وهذا يمكن العقل من التعبير عن حقيقة الأشياء كما هي، من حيث ماهيتها. مبدأ عدم التناقض والذي يقصد به أن الشيء لا يمكن أن يكون هو نفسه ونقيضه في الوقت ذاته. أي أن النقيضان لا يجتمعان. كذلك مبدأ الثالث المرفوع أو الوسط الممتنع والذي يعني أنه لا وسط بين النقيضين، فإما أن يوجد الشيء أو لا يوجد، ولا وجود لوسط بينهما. بالاظافة إلى مبدأ السببية ويعني أن لكل ظاهرة سبب يفسر حدوثها ومن ثم لا يمكن أن نقبل في المعرفة ظاهرة بلا سبب. أما مبدأ الحتمية فهو مبدأ يعبر عن العلاقات السببية الثابتة بين الظواهر أي أن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج. ولا ننسى مبدأ الغائية الذي يعني أن لكل موجود غاية خلق لأجلها. فهذه المبادئ تعتبر قوانين تنظم وتحكم أفعال العقل الإنساني وتوجه معارفه، لأنها الأساس الذي يضمن الارتباط الوثيق والمنطقي بين حدود الاستدلال، لهذا قال عنها "ليبنتز": "إنها ضرورية للتفكير كضرورة العضلات والأوتار العصبية للمشي". وعليه يمكن القول أن التعرف على وحدات الفكر المنطقي، وإدراك المبادئ العقلية التي تحكم الفكر تؤدي إلى نتيجة أساسية في التعامل الفكري وهي أن حسن انتقاء المقدمات، ومعرفة آليات التعامل معها والقوانين التي توجهها، ومن ثم ترتيب النتائج التي تلزم عنها بالضرورة واحترامها. كل ذلك يمكن من إبعاد العقل عن التناقض والأخطاء والعشوائية ويضمن ضرورة توافق النتائج مع المقدمات وحصول انطباق الفكر مع نفسه. لهذا عده الكثير –خاصة في العصور الوسطى- أصدق معيار يمكن الاستعانة به لدراسة العلوم، فهو معيارها وأداة يجب تحصيلها قبل البدء في أي نوع من البحوث، لما امتاز به من دقة عقلية، وتنظيم محكم في بناء الاستدلال، خاصة في الأشكال القياسية، وفحص المقدمات، والابتعاد عن الميول والأهواء التي تشوش أحكام العقل. من هنا اعتبر أسمى أسلوب لضمان اتفاق العقول وانسجامها وتوحيد حكمها. ومن نتائج تطبيق المنطق الصوري تصدي اليونانيين للمغلطات التي أفرزها الفكر السفسطائي بانتشار التفكير الصحيح الدقيق في أرجاء المجتمع الثقافي اليوناني طيلة العصر القديم بعد أرسطو. وهذا ما أدى أيضا إلى تربعه على عرش المعارف خاصة في العصور الوسطى ، بل تم تدريسه إجباريا من طرف المدارس المسيحية في هذه الفترة..
لكن ورغم ما قدمه أنصار المنطق الصوري من أدلة وحجج إلا أن موقفهم فيه الكثير من المبالغة، لأن المنطق الصوري ناقص ولا يعبر عن حقيقة الفكر من جميع جوانبه، فهو منطق اهتم بصورة الفكر وأهمل مادته مما ولد محدودية تطبيقاته. بالإضافة إلى أن أنصاره والمدافعون عنه رفعوا من قيمته وشأنه وجعلوه أرقى وأكمل ما وصل إليه الفكر البشري، رغم أنه يبقى مجرد اجتهاد بشري يعتريه النقص، ولا يرقى إلى الكمال مهما كان فيه من مجال الإبداع. لأن العقل الإنساني ناقص وقاصر فكيف يمكنه أن يضع قواعد عامة يسير عليها وتضمن سلامته؟ فهي أيضا تكون قاصرة. ومن جهة أخرى قد نعرف قواعد المنطق الصوري ومع ذلك نقع في الأخطاء نتيجة تعرضنا لحتميات مختلفة كالحتمية الاجتماعية (العادات والتقاليد) والحتمية النفسية (الميول والرغبات والأهواء)...، ومن ناحية أخرى نجد كل الوقائع العلمية والمعرفية الحديثة والمعاصرة التي أحدثت ثورة في أبحاثها ونتائجها واكتشافاتها تجاوزت الاستدلالات الصورية واعتمدت بدلها الاستدلالات الاستقرائية التي تكشف عن الحقائق والنتائج الإبداعية.
من هنا ظهر خصوم للمنطق الصوري وعلى رأسهم "ديكارت"، "هيجل" و "فرنسيس بيكون" من العصر الحديث، وقبلهم "ابن تيمية" و"ابن الصلاح" وغيرهما من مفكري الإسلام، حيث يتفقون على أن المنطق الصوري بقواعده لا يضمن صحة التفكير ولا يعصم الذهن من الوقوع في الخطأ، انطلاقا من مسلمة مفادها أنه منطق تكراري وتحصيل حاصل وقد أخر البشرية قرابة عشرين قرنا. مؤكدين ذلك بأدلة وحجج أهمها: أن قواعد المنطق الأرسطي ثابتة لا تقبل التطور مهما كانت المضامين، كما انه منطق ضيق لا يعبر إلا عن بعض العلاقات المنطقية، ولا يتجاوز في أبلغ صوره علاقة التعدي، رغم أن العلاقات كثيرة والواقع الرياضي يشهد على ذلك، من ناحية أخرى فهو منطق لا يخرج عن دائرة الفكر وانطباقه مع نفسه ويغفل تماما عن الواقع وموضوعاته، لذلك نجد "فرنسيس بيكون" يصرح معارضا ورافضا للمنطق الصوري بقوله:"إن المنطق الصوري منطق عقيم، يهتم بصورة الفكر لا بمادته". فهو منطق شكلي، يدرس التفكير، دون البحث عن طبيعة الموضوعات التي ينصب عليها بحسب الواقع، ومن ثمة الوقوع في الأخطاء، وعدم ضمان اتفاق جميع العقول، فهو لا يساير الواقع وأحداثه المتغيرة، ولهذا هاجمه الكثير من الفلاسفة والمفكرين المحدثين، واجتهدوا في إبداع صور وأساليب منطقية جديدة تتناسب مع ظروف المعرفة والثقافة، وقد تجلى ذلك من خلال بدائل منطقية جديدة تبحث عن صحة التفكير وكيفية الابتعاد عن الأخطاء، كالمنطق الرمزي الرياضي اللوجستيكي،
يتبع في الأسفل