الصداقة حب واحترام
النص
ان الصداقة، في صورتها المالي ، هي الاتحاد بين شخصين يتبادلان نفس مشاعر الحب والاحترام. ونرى بسهولة أن الصداقة عبارة عن "مثال " (Ideal) للتعاطف والتواصل بين الناس ، وغاية هذا المثال تحقيق خير الصديقين اللذين جمعت بينهما إرادة طيبة أخلاقية، بالرغم من أن الصداقة لا
تضمن سعادة الحياة.
إن قبول هذا المثال يجعلنا مؤهلين للبحث عن السعادة ما دامت الصداقة تمثل بالنسبة للإنسان واجباً. هذا يعني أنه من السهل أن ننظر إلى الصداقة باعتبارها فكرة بسيطة ، يستحيل تحقيقها فعلا. غير أن السير في اتجاه تحقيقها يشكل واجبا عقلياً غير عادي، ومع ذلك سيحقق هذا الواجب
الخضوع له بكل احترام.
كيف يمكن للإنسان في علاقته بقريبه أن يساوي بين العناصر المطلوب توفرها في واجب أخلاقي
ما، فواجب الرعاية والعناية المتبادلة مثلا بين شخصين يفترض حضور نفس الاستعداد العقلي عند الطرفين معا (...). إن أحد الشخصين عندما يظهر حماساً في مشاعر الحب والاحترام، يصل في
هذه الحالة إلى التوازن المطلوب للصداقة.
لذلك، يمكن تصور مشاعر الحب باعتبارها قوة جذب بين صديقين، ومشاعر الاحترام قوة دفع
بينهما. ويتولد عن الحب تجاذب بين الصديقين، ويتولد عن الاحترام تباعد بينهما.
يمكن للملاحظات الآتية أن تثير انتباهنا إلى الصعوبات التي تواجهها الصداقة: فإذا تناولناها من
ن جانبها الأخلاقي، فواجب الصديق تنبيه صديقه إلى أخطائه متى ارتكبها، لأن الأول يقوم بهذا التنبيه
ذان لأجل خير الثاني، وهذا الواجب هو واجب حب الأول تجاه الثاني. بينما تشكل أخطاء الثاني تجاه
على الصديق الأول إخلالاً بمبدأ الاحترام بينهما (...) لكن كيف لا نتمنى أن يكون لنا صديق في وقت الشدة! ألا نكون في هذا التمني نشعر بقيد يشدنا إلى قدر غيرنا، فيضيف إلينا مشقة تحمل أعبائه.
لا يجب إذن أن تقوم الصداقة على منافع مباشرة ومتبادلة، بل يجب أن تقوم على أساس أخلاقي خالص.
إمانويل كانط، ميتافيزيقا الأخلاق الجزء الثاني، ترجمه إلى الفرنسية آلان رونو، فلاماريون، 1994، ص: 342 - 343
أسئلة
التحليل: 1- أستخرج من النص الأساس الذي تقوم عليه الصداقة بين شخصين.
2- الصداقة توازن بين عناصر الواجب الأخلاقي: أشرح ذلك من خلال النص. 3- ما العلاقة بين الصداقة باعتبارها مثالا (Ideal) والصداقة باعتبارها فكرة (Idée) .؟
سؤال المناقشة: هل يمكن تصور علاقة صداقة بين شخصين، خالية من أية منفعة مباشرة؟