0 تصويتات
في تصنيف مقالات ونصوص فلسفية باك 2024 بواسطة (628ألف نقاط)
عُدل بواسطة

مقالة حول النسيان هل النسيان حالة عادية أم مرضية

هل النسيان حالة طبيعية أم مرضية 

بكالوريا 2022 2023 الجزائر 

أهلاً بكم طلاب وطالبات الباك 2023 في موقعنا باك نت الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية الاجابة الصحيحة لجميع دروس والمقالات الفلسفية المتوقعة والمقترحة في باك جميع الشعب الفلسفية كما نقدم لكم الأن أعزائي الطلاب والطالبات مقالة مختصرة وهي إجابة السؤال .... هل النسيان حالة عادية أم مرضية

وتكون اجابتة الصحية هي التالي 

هل النسيان حالة عادية أم مرضية

مقدمة

إذا كانت الذاكرة من حيث وظيفتها تعمل على حفظ الماضي واسترجاعه عند الحاجة فإنها لا تقوى في بعض الحالات على استدعاء جزء من هذا الماضي بالرغم من الجهد المبذول لاستحضاره وهذا يعني أن الذاكرة مرتبطة بالنسيان الذي يعرف بأنه الفقدان المؤقت أو الكلي أو الدائم للذكريات على هذا الأساس اختلف الفلاسفة فيما إذا كان فقدان الذكرايات أو ما يعرف بالنسيان حالة عادية تؤدي وظيفة ايجابية في التكيف مع العالم الخارجي أم انه حالة مرضية سلبية تعيق تكيف الفرد مع الواقع ومن هذه المقدمة نتساءل كيف يمكن التوفيق بين وظيفتين متناقضتين إحداهما تبني وتفيد والأخرى تدمر ؟ أو بعبارة أخرى متي يكون النسيان حقا مناقضا للذاكرة ومتى يكون شرطا لها ؟وهل النسيان يساعد على التكيف مع الواقع أم انه يعيق نشاط الفرد اليومي؟.

الأطروحة الأولى: النسيان حالة يومية عادية يعيشها الفرد

يرى فرويد Freud 1939-1856 بهذا الصدد أننا ننسي بعض الحالات الماضية قصدا وهذه الحالات التي ننساها إراديا إنما هي الأحداث المؤلمة في ساحة الشعور فنطردها إلى اللاشعور؛ فالنسيان هو النفور من تذكر بعض الأشياء التي تثير في نفوسنا انفعالا مؤلما؛ إننا ننسى اسم الشخص الذي لا نحبه و ننسى مكان الشيء الذي نريد أن نضيعه، وإذا نحن نظرنا إلى ما يؤديه النسيان من خدمات للذاكرة والإنسان بصفة عامة وجدناها كثيرة فلولا النسيان لما تقدمنا في تحصيل المعرفة خطوة واحدة فهو يسمح لنا باكتساب خبرات جديدة إذ يساعد الفرد على إبعاد بعض المعلومات التي ليس لها أي معنى والاهتمام بالمعلومات المفيدة التي نحتاجها في الوقت المناسب فلو كانت الذاكرة تملأ نفسها بكل شيء بحيث لا تغيب عنها دقائق الأشياء الماضية لأفتقد الفكر مرونته و لاستحال أن يستقيم ويسير على مجراه الطبيعي فمن شروط العقل السليم الإعراض مؤقتا عن التفاصيل الثانوية ووقوفه على الأهم لأن التفكير يوجب الاختصار و الاقتصار على الأهم و البسيط فيجب أن يزول عن الذهن شيء و يبقى فيه شيء،ويترتب على هذا أن النسيان هو الوسيلة النفسية التي يستخدمها الشخص للتوافق مع الشروط الراهنة التي تمس علاقته بالغير وحتى مع ذاته فإذا بقي الإنسان مثلا يتذكر دوما موت قريب له فحتما لن يعيش في توافق معذاته ومع المجتمع فالنسيان رحمة بين الأفراد وكذلك بين الأمم إذ يمحى أثار الحقد ومواطن الآلام بين الحكام والملوك وفي هذا المعنى يصرح ريبو Ribot فيقول {النسيان ليس مرضا من أمراض الذاكرة وإنما هو شرط من شروط سلامتها وبقائها} ويقول الكاتب وعالم الأحياء الفرنسي جون روستان Jean Rostand1977-1894: ( اليوم السعيد هو اليوم الذي يبقى فيه الماضي ساكنا ) وهنا يتبين أن الذاكرة لا تستطيع القيام بوظيفتها بعيدا عن النسيان لأن الذاكرة السليمة ليست الذاكرة المشبعة بالذكريات الكثيرة دون انتقاء أو نسيان جزء منها وإنما {خير للذاكرة أن تكون ملكة نساءة}إننا لا نفرح إلا بفضل نسيان الأمور السلبية وتذكر الأمور الإيجابية، وقد أكدت الدراسات أن النسيان يفتح المجال للانتباه والاهتمام اللذان لولاهما لما قطعنا خطوة واحدة إلى الاهتمام بحياتنا العلمية والعملية .

نقــــــد 

رغم ذلك فإن النسيان لا يجوز بوجه أو بآخر اعتباره وظيفة إيجابية دائمة إذ يعاني الكثير من النسيان خاصة حين نكون بحاجة ماسة إلى بعض الخبرات فتخوننا الذاكرة ويكون النسيان عدوا لصاحبه، فالناس يصفون ذاكرتهم بالخيانة عندما لا تسعفهم في الوقت المناسب بما يريدون تذكره مثال ذلك مرض الزهايمر Alzheimer's و أهم أعراضه فقدان الذاكرة، مثل صعوبة التذكر وعدم القدرة على اكتساب معلومات جديدة.

الأطروحة الثانية:النسيان حالة مرضية سلبية تعيق نشاط الفرد

إن النسيان ظاهرة سلبية تعيق وظيفة التذكر فهو يحدث بسبب التلاشي الذي يصيب بعض ذكرياتنا التي تصبح مفككة فننسى بعض أقسامها وقد تتلاشي ذكرياتنا ويصيبها النسيان بسبب الزمن،فالنسيان حسب قانون ببيرون يتناسب طردا مع لوغاريتم الزمن أي أن الذكريات كلمات تقادمت في الماضي كلما كان ذلك أدعى إلى النسيان لذلك قيل أن الذكريات شبيهة بالطلاء على الجدران فيكون براقا في أول الأمر لكنه مع الزمن يصير حائلا ويترتب على ذلك أن النسيان يحول دون التلاؤم مع المواقف الراهنة وأبرز ما تتجلى فيه الوظيفة السلبية مظاهر الفشل والإخفاق في الامتحانات كعجز التلميذ عن الإجابة أثناء الامتحان بالرغم من جهده لتذكر المعلومات، كما أن النسيان يبدو في مجال اكتساب المعرفة والتحصيل العلمي عائقا خطيرا و ما يبرر هذه الخطورة رأي بعض علماء التربية القائلين بأننا ننسى أكثر مما نتعلم لذلك كانت الذاكرة القوية نعمة لصاحبها { آفة العلم النسيان} ويقول أفلاطونPlaton كذلك: ( المعرفة تذكر و الجهل نسيان )، هذا ويبدو النسيان مناقض للذاكرة إذا نحن نظرنا إليه كظاهرة مرضية ومن هذه الأمراض نذكر فقدان الذاكرة ويعني اضمحلال الذكريات التي قد تكون جزئيا أو مؤقتا أو كليا أو دائما وأيضا انحراف الذاكرة وهو مرض الذاكرة الكاذبة هو فساد العرفان أي الخبرات المشوهة فلا يعلم صاحبها أنها كذلك وأيضا فرط الذاكرة وهي قوة استدعاء الذكريات بتفاصيلها ويعرف أيضا بعرض تضخم الذاكرة والنسيان المرضي يصيب الذاكرة ويقضى على حياتنا السوية فهو يلحق بالشخص أضرارا خطيرة تمس شعوره وشخصيته ويعرض طبيب الأعصاب الفرنسي جون دولاي Jean Delay 1987-1907حالة شخص عمره 59 سنة مصاب بداء الكحول يملك ذكريات دقيقة عن ماضيه البعيد فيتحدث عن عمله في الجيش أثناء الحرب العالمية الأولى ويصف جميع الحوادث دون تحريف يذكر غير أنه منذ سنة تقريبا لا يستطيع الاحتفاظ بذكريات الحوادث التي يمر بها فلا يتعرف في المستشفى الذي يوجد فيه و لا على غرفته ولا حتى على سريره وحتى طريقه الذي يمر فيه ينساه ويبدو وكأن وظيفة التذكر قد توقفت عن نشاطها ابتداء من فترة معينة كما يقدم لنا عالم النفس الفرنسي بيار جاني Pierre Janet 1947-1859 مثالا عن فقدان القدرة على استحضار الذكريات وهو نوع من أمراض الأمينيزيا في قصة فتاة كانت تعالج أمها المريضة غير أن والدتها ماتت وهي تعالج فأصيبت الفتاة بصدمة نتج عنها اضطرابات مختلفة كفقدان القدرة على تذكر الحادث بحيث انشطرت حالتها النفسية إلى قسمين تارة تنسي كل ما يتعلق بوالدتها وتارة أخرى تتذكر كل شيء .

نقــــــــد

لكن لما ينظر إلى النسيان على أنه وظيفة سلبية ؟ وعلى أنه عجز وفشل ؟ في حين أنه ليس مناقضا من الناحية النفسية للذاكرة وليس أيضا ظاهرة سلبية إن فقدان الآثار والأشياء الماضية بصورة تدريجية ظاهرة طبيعية ثم إننا من الناحية العلمية والنفسية نتذكر ما يفيدنا وينفعنا وماله قيمة بالنسبة لنا لأن التذكر معناه القيام بعملية اختيار حسب اهتماماتنا ومقتضياتنا فلو كانت الذاكرة قوة مطلقة و متماسكة تماما لتعذر عليها التفكير و لتعبت الخلايا العصبية و لأصبحت غير قادرة على تخزين المعلومات الجديدة .

التركيب: 

إن النسيان ليس حالة إيجابية دائما للتكيف مع العالم الخارجي وتجاوز الأمور الثانوية الغير مهمة؛ بل قد يكون سلبيا ومعيقا لصاحبه متى كان مرضيا.

الموقف الشخصي: لكنني أرى أن النسيان حالة عادية وليس مرضا وما يبرر ذلك موقف عالم النفس الفرنسي "هنري برغسونHenri Bergson 1941-1859 " الذي اعتبر النسيان حالة طبيعية يعيشها الفرد إذ لا يتذكر من الماضي إلا ما كانت له علاقة بالواقع الذي يعيش فيه , فالإنسان لا يلتفت إلى الماضي إلا لحاجته للتكيف , إذ حاول برغسون إثبات أن الحوادث السابقة لا تمحى , وأن الذكريات المنسية لا تتلف أبدا إضافة إلى أن للنسيان فائدة كبيرة في تجاوز الذكريات الحزينة ولهذا يقول الكاتب الفرنسي شامفور:Chamfort 1740-1794( يجب أن نعيش حياتنا يوما بيوم و ننسى كثيرا ).

حل المشكلة 

الخاتمة: 

وفي الأخير نقول أن النسيان المرضي مهما كانت أسبابه وطبيعته يعتبر ظاهرة سلبية معيقة لنشاط الفرد وفاعليته وهو على النقيض من النسيان الطبيعي العادي الذي تقتضيه الحياة اليومية وما يتخللها من أعمال ومشاكل لأننا لا نستطيع أن نتعلم شيئا جديدا إلا إذا نسينا مؤقتا تجاربنا وذكرياتنا الماضية ولولا هذا النوع من النسيان لما أستطاع الإنسان أن يتكيف مع المواقف الجديدة أو الطارئة يقول الباحث الفرنسي المعاصر جورج غوسدورف Georges Gusdorf في كتابه الذاكرة والشخص: ( النسيان شرط لاستمرار الوجود

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (628ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
مقالة جدلية حول طبيعة النسيان هل النسيان حالة طبيعية أم مرضية

مقدمة:( طرح المشكلة)

إن الإنسان كائن إجتماعي بطبعه يسعى دائما إلى التكيف والتأقلم مع العالم الخارجي ومتغيراته و يلجأ في ذلك إلى عدة آليات من بينها الذاكرة و التي هي وظيفة نفسية تتمثل في القدرة على حفظ الخبرات الماضية و إسترجاعها عند الحاجة إلا أن الإنسان يعجز أحيانا عن إسترجاع هذه الأحداث وهذا ما يعرف بالنسيان و هو الفقدان المؤقت أو النهائي لما حفظته الذاكرة من خبرات ومهارات مختلفة و قد أثارت طبيعة هذه الظاهرة جدلا واسعا بين المفكرين والفلاسفة فإنقسموا إلى تيارين متعارضين تيار يرى بأن النسيان ظاهرة طبيعية عادية ملازمة للذاكرة و تيار يرى بأن النسيان ظاهرة مرضية سلبية تهدد وجود الذاكرة و تعيقها عن أداء وظيفتها  

هذا الجدال و التعارض الواقع بينهم دفعنا إلى طرح الإشكال التالي : هل النسيان إيجابي أم سلبي ؟ و يمعنى آخر هل من مصلحة ذاكرتنا أن تنسى أحيانا ؟ هل النسيان مفيد لذاكرتنا ؟

العرض محاولة حل المشكلة)

عرض منطق الأطروحة : "النسيان حالة طبيعية "

 إن النسيان فاعلية نفسية إيجابية تحقق للإنسان التكيف و التأقلم مع عالمه الخارجي المتميز بالتغير والصيرورة و للنسيان إنعكاسات إيجابية على مختلف جوانب حياة الإنسان النفسية ،الفكرية و الإجتماعية و لولاه لبقي الإنسان محصورا في زاوية الماضي ،فالذاكرة ليس في وسعها حفظ كل آثار الماضي و إستعادتها بل ينتقي الإنسان ماهو ضروري و موافق لإهتماماته و المواقف التي يمر بها و يدافع عن هذا الطرح كل من " دولاي ،نتشه ،برغسون ،غوسدورف" و يبرر هؤلاء موقفهم بالحجج و البراهين الآتية:  

أن النسيان ظاهرة طبيعية عادية لأنه حالة موجودة عند كل البشر لهذا يقال " سمي الإنسان إنسان لكثرة النسيان " فهو ملازم للذاكرة و شرط من شروط سلامتها لأن الذاكرة لا يسعها أن تحفظ كل الأحداث التي عاشها الإنسان بدقائقها و تفاصيلها فالذاكرة التي تحفظ كل شيء تثبط الإنسان و نصيبه بحالة كمون و تعيق تكيفه مع العالم الخارجي المتميز بالصيرورة و التغير و تمنعه من مواكبة التطور لأنه يبقى حبيس لماضيه و هذا ما يؤكده برغسون بقوله" النسيان حالة طبيعية يعيشها الفرد لأن الإنسان لا يلتفت إلى الماضي إلا لحاجته في إحداث التوافق مع بيئته "و يقال " إن الذاكرة التي لا يسندها النسيان تضر الإنسان بدل أن تنفعه "  

إن النسيان يعود إيجابا على الإنسان في مختلف جوانب حياته ،فعلى الصعيد النفسي فإن النسيان يعد شرطا للإستمرارية والوجود الإنساني لأنه يمكننا من نسيان الماضي الأليم ، و لولاه لأصبحت حياتنا جحيما لا يطاق و لمات الإنسان هما و غما فالإنسان الذي يفقد أعز أقربائه إذا لم ينسى هذا الحدث بمرور الوقت فإن هذا قد يشكل له أزمات ومشاكل نفسية لذلك فهو بمثابة الدواء الذي يعيد للنفس توازنها يقول غوسدورف " النسيان شرط إستمرار الوجود " و يقول شافور "يجب أن نعيش حياتنا يوما وننسى كثيرا ويقول نتشه " هناك دائما ما يجعل السعادة سعادة إنه إمكانية النسيان " و يرجع فرويد النسيان إلى اللاشعور فالإنسان يقوم بكبت الأحداث و الصدمات النفسية التي تحرجه و تمس كبريائه حيث يروي عن نفسه أنه ذات يوم نسي إسم مريضته لأنه عجز عن تشخيص مرضها حيث يقول " إننا ننسى إلا ما لا نهتم به ، و ما لا نريد تذكره فنحن ننسى ما هو مصبوغ بصبغة وجدانية منفردة أو مؤلمة خاصة ما يجرح كبرياءنا"

أما فكريا فإن النسيان يمكن الإنسان من تجديد افكاره و تطويرها خاصة الأفكار والمعتقدات الخاطئة كما أن الذكريات التي لا نحتاجها فإن من الأفضل لنا نسيانها حتى يتسنى لنا حفظ ذكريات جديدة فذاكرة الإنسان أشبه بالذاكرة الإلكترونية لا يمكنها أن تخزن كل شيء لذلك لابد من مسح و نسيان ما لا نحتاجه فالتلميذ الذي إجتاز شهادة الباكالوريا مطالب بنسيان تلك المعلومات التي حفظها لأنه لم يعد بحاجة إليها و حتى يتسنى له حفظ معلومات جديدة و إلا أصيبت ذاكرته بالتضخم يقول دولاي " النسيان حارس الذاكرة " ،و كذلك إجتماعيا فإن النسيان وسيلة مثالية لمحو الأحقاد و الصراعات و إعادة تجديد الروابط الإجتماعية فالواقع يثبت أن نسيان الماضي كان حلا لكثير من المشاكل للإجتماعية و التاريخ مليء بالشواهد التي تبرز فضل النسيان في تغيير الكثير من العلاقات من الصراع إلى الصلح والتعاون و كمثال على ذلك رغم الصراع الطويل الذي كان بين فرنسا و ألمانيا في الماضي إلا أنهما اليوم دولتان متحالفتان و متحدتان و يحكى كذلك أن إحدى القبائل المنغولية كانت تحرم على أفرادها ذكر الموتى و ذلك من أجل نسيان الأحقاد و درء فتنة الحرب و الثأر لذلك يقول جون روستان " إن اليوم السعيد هو اليوم الذي يظل فيه الماضي ساكنا " و يقول جبران خليل جبران " النسيان شكل من أشكال الحرية " و يقول نتشه "إن النسيان هو تعبير عن الصحة الجيدة ، فالشخصية الجيدة تمسح الطاولة لتفسح المجال لوجبة جديدة"

ويرى بعض علماء النفس أن النسيان حالة عادية تتحكم فيها جملة من العوامل مثل عامل الترك فالذكريات التي لا نستعملها تكون عرضة للنسيان ، عامل الفصل ( الزمن) فالنشاطات الذهنية التي لا نفصل بينها تقل نسبة تحصيلها و يسهل نسيانها و كذلك عامل التداخل والتباين فالنشاطات الذهنية المتشابهة كذلك يصعب تحصيلها و يسهل نسيانها و كذلك عامل التراجع العكسي فتقدم الإنسان في العمر يجعله ينسى الأحداث القريبة و يتذكر الأحداث البعيدة و كذلك عامل الكبت فكل ما يجرح كبرياء الإنسان و يمس كرامته يكبته في ساحة اللاشعور . و عليه فالنسيان ظاهرة عادية تساعد الذاكرة و تصونها من الأمراض.

نقد ومناقشة :

 لا يمكن إنكار ما للنسيان من محاسن على حياة الإنسان إلا أن هذا لا يعني إعتباره إيجابي دائما فما يعاب على هذا التيار هو تجاهله للجانب السلبي للنسيان فكثيرا ما يشكل عائقا امام الإنسان و سببا في إخفاقه مثل الطالب الذي ينسى يوم الإمتحان ، كما أنه يعيق تكيفه مع محيطه الخارجي و يسبب له مشاكل داخل المجتمع فالإنسان الذي ينسى مواعيده و إلتزاماته المهنية يتهمه المجتمع بالتهاون و التقصير، كما لا يصح للإنسان أن ينسى من أساء إليه ليس حقدا و إنما فطنة و إحترازا

عرض نقيض الأطروحة : " النسيان حالة مرضية "

 أن النسيان مضر بالذاكرة و يؤثر عليها سلبا فهو يعيق الإنسان عن التكيف مع العالم الخارجي لعجزه عن إسترجاع ما يحتاجه عند الضرورة لذلك فإن مرض الذاكرة هو النسيان وللنسيان إنعاكاسات سلبية على مختلف جوانب حياة الإنسان النفسية ، الفكرية والإجتماعية كما يتجلى في عدة أمراض تصيب الذاكرة و يدافع عن هذا الطرح "ريبو بيرون دوغاس " و يبرر هؤلاء موقفهم بالحجج و البراهين الآتية :

  يرى ريبو أن النسيان حالة مرضية حيث يفسره تفسيرا ماديا أي أن النسيان ناتج عن إصابات على مستوى الدماغ و ذلك من خلال تجربة منطقة بروكا المسؤولة عن حفظ اللغة التي أثبتت أن فقدان الإنسان لبعض الذكريات سببه تعرض الإنسان لإصابة في هذه المنطقة فكل إصابة مادية في تلك المنطقة تؤدي إلى إتلاف الألفاظ و تجعل الفرد غير قادر على الكلام بحيث أنه إذا حدث نزيف دموي في قاعدة التلفيف الثالث يولد مرض الحبسة ، كما أن فساد التلفيف الثاني يولد العمى اللفظي وأن فساد التلفيف الأول يولد الصمم اللفظي ،  

إن النسيان يخلق للإنسان أزمات و إضطرابات نفسية تؤثر على سلوكه فالإنسان الذي ينسى يصبح كثير القلق والإضطراب.

 إن النسيان ذو طبيعة سلبية لأنه مقترن بتلك الصدمات النفسية العنيفة التي تهدد توازن الإنسان لهذا رأى جميل صليبا أن النسيان يولد غالبا خللا في الشخصية فهو يؤدي إلى أنفصال مجموعة من الذكريات عن الشخصية الطبيعية فتتكون بذلك شخصية مهتزة غير ثابتة معرضة لكل الأمراض و العقد النفسية كالتوحد و إعتزال الإجتماع بالآخرين تجنبا للسخرية و الإستهزاء.

 أما فكريا فأنه يشكل عائقا فكريا يحول دون إدراك الإنسان و تعلمه لأن الإنسان الذي ينسى لا يمكنه تعلم أي شيء مثل الطالب الذي ينسى كل ما حفظه من معلومات يوم الإمتحان فيقف موقفا سلبيا أمام الموضوع أو السؤال الذي هو بصدد الإجابة عنه لذلك يعتبر النسيان في مجال إكتساب العلم و المعرفة عائقا كبيرا للإنسان يقول دوغاس " النسيان مناقض للذاكرة " و يقول أفلاطون " المعرفة تذكر و الجهل نسيان" و يقال "آفة العلم النسيان " و يقال كذلك "نحن ننسى أكثر مما نتعلم " أما إجتماعيا فإن النسيان يدمر الروابط الإجتماعية و يمنع الإنسان من التواصل مع غيره فالإنسان الذي ينسى المواعيد و الأشخاص أو يصاب بفقدان الذاكرة أو الزهايمر يصبح عالة على غيره و يؤدي إلى تفكك الروابط التي تربط الفرد بالمجتمع.

وهذا النسيان المرضي يتجلى في كثير من أمراض الذاكرة التي تصيب الإنسان كفقدان الذاكرة " الأمينيزيا" حيث تغيب الذكريات بشكل مفاجئ فيصبح الفرد غير قادر على التعرف على الأشخاص و الأشياء و لا كيف يستعمل الأدوات ، الأفازيا أو مرض الذاكرة الكلامية يفقد فيها المصاب القدرة على الكلام رغم سلامة أعضاء النطق ، الأبراكاسيا وهو نسيان القيام ببعض المهارات الأعمال العادية بصفة فجائية كأن ينسى الطبيب كيف يستعمل الحقنة و الحداد كيف يستعمل المطرقة، إنحراف الذاكرة أو مرض الذاكرة الكاذبة حيث يعتقد الإنسان أنه يعرف شيء معين وهو في الحقيقة لا يعرفه ، و كذلك الزهايمر و هو مرض يصيب المخ و يتطور ليفقد الإنسان ذاكرته و قدرته على التركيز و التعلم، كما يحدث تغييرات في شخصية المريض فيصاب بالهلوسة و يصبح كثير العصبية و هو غالبا يصيب الإنسان في مراحل متقدمة من العمر لذلك يقول بيرون "الذكريات شبيهة بالطلاء على الجدران فيكون براقا في أول الأمر لكنه مع الزمن يكون حائلا" و عليه فالنسيان تعيق تكيف الإنسان و مرض يصيب الذاكرة.

نقد ومناقشة :

لا يمكن إنكار ما للنسيان من سلبيات على حياة الإنسان إلا أن هذا التيار بالغ في رأيه متجاهلا أن النسيان طبيعة فطر عليها كل إنسان كما تجاهل إيجابياته إضافة إلى أن هذه السلبيات هي حالات مرضية إستثنائية لا تشمل كافة الناس و يمكن علاجها ، فالذاكرة لا يمكن لها أن تستوعب كل شيء لذلك توجب عليها أن تنسى مالا يحتاجه الإنسان ، فهي ليست عملية حفظ آلية لكل ما يعيشه الإنسان بل عملية قائمة على الإختيار و الإصطفاء لذلك يقول دولاي " نحن نتذكر لأننا ننسى
بواسطة (517ألف نقاط)
هل النسيان مرض أم حالة طبيعية
وهي الخلاصة التي أكدتها دراسة حديثة أجراها عالما الأعصاب توماس رايان من كلية ترينيتي في دبلن، وبول فرانكلاند من جامعة تورنتو؛ وخلصت إلى أن النسيان هو "آلية طبيعية وميزة مخفية في الدماغ، بدونها يُصبح من المستحيل ممارسة حياتنا بشكل طبيعي؛ كما أنه يساعد عقولنا للوصول إلى المعلومات الأكثر أهمية، عندما نتعرض لمحفزات فوق
0 تصويتات
بواسطة (628ألف نقاط)
3 أف

مقالة فلسفية: هل النسيان حالة طبيعية أم مرضية؟

– الطريقة جدلية :

السؤال: هل النسيان حالة طبيعية أم مرضية؟

هل يعتبرالنسيان تحطيما لوظيفة الذاكرة أم دعما لها؟ هل عجز الذاكرة عن اداء وظيفتها يعتبر مرضا؟هل النسيان يعيق التكيف أم يساعد عليه؟ هل النسيان ملكة للذاكرة أم آفة لها؟ هل فقدان الإنسان لذكرياته يعتبر حالة عادية أم مرضية؟

طرح المشكلة :

إن الإنسان كائن إجتماعي بطبعه يسعى دائما إلى التكيف والتأقلم مع العالم الخارجي ومتغيراته و يلجأ في ذلك إلى عدة آليات من بينها الذاكرة و التي هي وظيفة نفسية تتمثل في القدرة على حفظ الخبرات الماضية و إسترجاعها عند الحاجة إلا أن الإنسان يعجز أحيانا عن إسترجاع هذه الأحداث وهذا ما يعرف بالنسيان و هو الفقدان المؤقت أو النهائي لما حفظته الذاكرة من خبرات ومهارات مختلفة و قد أثارت طبيعة هذه الظاهرة جدلا واسعا بين المفكرين والفلاسفة فإنقسموا إلى تيارين متعارضين تيار يرى بأن النسيان ظاهرة طبيعية عادية ملازمة للذاكرة و تيار يرى بأن النسيان ظاهرة مرضية سلبية تهدد وجود الذاكرة و تعيقها عن أداء وظيفتها

هذا الجدال و التعارض الواقع بينهم دفعنا إلى طرح الإشكال التالي : هل النسيان إيجابي أم سلبي ؟ و يمعنى آخر هل من مصلحة ذاكرتنا أن تنسى أحيانا ؟ هل النسيان مفيد لذاكرتنا ؟

محاولة حل المشكلة :

عرض منطق الأطروحة : “النسيان حالة طبيعية “

إن النسيان فاعلية نفسية إيجابية تحقق للإنسان التكيف و التأقلم مع عالمه الخارجي المتميز بالتغير والصيرورة و للنسيان إنعكاسات إيجابية على مختلف جوانب حياة الإنسان النفسية ،الفكرية و الإجتماعية و لولاه لبقي الإنسان محصورا في زاوية الماضي ،فالذاكرة ليس في وسعها حفظ كل آثار الماضي و إستعادتها بل ينتقي الإنسان ماهو ضروري و موافق لإهتماماته و المواقف التي يمر بها و يدافع عن هذا الطرح كل من ” دولاي ،نتشه ،برغسون ،غوسدورف” و يبرر هؤلاء موقفهم بالحجج و البراهين الآتية:

أن النسيان ظاهرة طبيعية عادية لأنه حالة موجودة عند كل البشر لهذا يقال ” سمي الإنسان إنسان لكثرة النسيان ” فهو ملازم للذاكرة و شرط من شروط سلامتها لأن الذاكرة لا يسعها أن تحفظ كل الأحداث التي عاشها الإنسان بدقائقها و تفاصيلها فالذاكرة التي تحفظ كل شيء تثبط الإنسان و نصيبه بحالة كمون و تعيق تكيفه مع العالم الخارجي المتميز بالصيرورة و التغير و تمنعه من مواكبة التطور لأنه يبقى حبيس لماضيه و هذا ما يؤكده برغسون بقوله” النسيان حالة طبيعية يعيشها الفرد لأن الإنسان لا يلتفت إلى الماضي إلا لحاجته في إحداث التوافق مع بيئته “و يقال ” إن الذاكرة التي لا يسندها النسيان تضر الإنسان بدل أن تنفعه “

إن النسيان يعود إيجابا على الإنسان في مختلف جوانب حياته ،فعلى الصعيد النفسي فإن النسيان يعد شرطا للإستمرارية والوجود الإنساني لأنه يمكننا من نسيان الماضي الأليم ، و لولاه لأصبحت حياتنا جحيما لا يطاق و لمات الإنسان هما و غما فالإنسان الذي يفقد أعز أقربائه إذا لم ينسى هذا الحدث بمرور الوقت فإن هذا قد يشكل له أزمات ومشاكل نفسية لذلك فهو بمثابة الدواء الذي يعيد للنفس توازنها يقول غوسدورف ” النسيان شرط إستمرار الوجود ” و يقول شافور “يجب أن نعيش حياتنا يوما وننسى كثيرا ويقول نتشه ” هناك دائما ما يجعل السعادة سعادة إنه إمكانية النسيان ” و يرجع فرويد النسيان إلى اللاشعور فالإنسان يقوم بكبت الأحداث و الصدمات النفسية التي تحرجه و تمس كبريائه حيث يروي عن نفسه أنه ذات يوم نسي إسم مريضته لأنه عجز عن تشخيص مرضها حيث يقول ” إننا ننسى إلا ما لا نهتم به ، و ما لا نريد تذكره فنحن ننسى ما هو مصبوغ بصبغة وجدانية منفردة أو مؤلمة خاصة ما يجرح كبرياءنا”.

أما فكريا فإن النسيان يمكن الإنسان من تجديد افكاره و تطويرها خاصة الأفكار والمعتقدات الخاطئة كما أن الذكريات التي لا نحتاجها فإن من الأفضل لنا نسيانها حتى يتسنى لنا حفظ ذكريات جديدة فذاكرة الإنسان أشبه بالذاكرة الإلكترونية لا يمكنها أن تخزن كل شيء لذلك لابد من مسح و نسيان ما لا نحتاجه فالتلميذ الذي إجتاز شهادة الباكالوريا مطالب بنسيان تلك المعلومات التي حفظها لأنه لم يعد بحاجة إليها و حتى يتسنى له حفظ معلومات جديدة و إلا أصيبت ذاكرته بالتضخم يقول دولاي ” النسيان حارس الذاكرة ” ،و كذلك إجتماعيا فإن النسيان وسيلة مثالية لمحو الأحقاد و الصراعات و إعادة تجديد الروابط الإجتماعية فالواقع يثبت أن نسيان الماضي كان حلا لكثير من المشاكل للإجتماعية و التاريخ مليء بالشواهد التي تبرز فضل النسيان في تغيير الكثير من العلاقات من الصراع إلى الصلح والتعاون و كمثال على ذلك رغم الصراع الطويل الذي كان بين فرنسا و ألمانيا في الماضي إلا أنهما اليوم دولتان متحالفتان و متحدتان و يحكى كذلك أن إحدى القبائل المنغولية كانت تحرم على أفرادها ذكر الموتى و ذلك من أجل نسيان الأحقاد و درء فتنة الحرب و الثأر لذلك يقول جون روستان ” إن اليوم السعيد هو اليوم الذي يظل فيه الماضي ساكنا ” و يقول جبران خليل جبران ” النسيان شكل من أشكال الحرية ” و يقول نتشه “إن النسيان هو تعبير عن الصحة الجيدة ، فالشخصية الجيدة تمسح الطاولة لتفسح المجال لوجبة جديدة”.

ويرى بعض علماء النفس أن النسيان حالة عادية تتحكم فيها جملة من العوامل مثل عامل الترك فالذكريات التي لا نستعملها تكون عرضة للنسيان ، عامل الفصل ( الزمن) فالنشاطات الذهنية التي لا نفصل بينها تقل نسبة تحصيلها و يسهل نسيانها و كذلك عامل التداخل والتباين فالنشاطات الذهنية المتشابهة كذلك يصعب تحصيلها و يسهل نسيانها و كذلك عامل التراجع العكسي فتقدم الإنسان في العمر يجعله ينسى الأحداث القريبة و يتذكر الأحداث البعيدة و كذلك عامل الكبت فكل ما يجرح كبرياء الإنسان و يمس كرامته يكبته في ساحة اللاشعور . و عليه فالنسيان ظاهرة عادية تساعد الذاكرة و تصونها من الأمراض.

نقد ومناقشة :

لا يمكن إنكار ما للنسيان من محاسن على حياة الإنسان إلا أن هذا لا يعني إعتباره إيجابي دائما فما يعاب على هذا التيار هو تجاهله لل

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى موقع باك نت، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...