الموضوع : كيف لك أن تفصل في الجدل القائم بين "النزعة العضوية" التي ترى أن الذاكرة وظيفة مادية والنزعة النفسية" التي ترى بأن الذاكرة و ظيفة نفسية؟
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقع باك نت.baknit الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية الإجابة الصحيحة والنموذجية من مرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي bac 2023 كما يسرنا بزيارتكم أن نقدم أهم المعلومات والحلول وأفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية 2022 2023 وكما عودناكم أعزائي الزوار في صفحة موقع باك نت أن نطرح لكم ما تبحثون عنه وهو ....... كيف لك أن تفصل في الجدل القائم بين "النزعة العضوية" التي ترى أن الذاكرة وظيفة مادية والنزعة النفسية" التي ترى بأن الذاكرة و ظيفة نفسية؟
وتكون الإجابة على سؤالكم هي على النحو التالي
كيف لك أن تفصل في الجدل القائم بين "النزعة العضوية" التي ترى أن الذاكرة وظيفة مادية والنزعة النفسية" التي ترى بأن الذاكرة و ظيفة نفسية؟
مقدمة :
يعيش الإنسان في حياته اليومية جملة من المواقف و الصعوبات تتفاوت في درجة تعقيدها ، و حتى يتسنى له إيجاد حلول
يعتمد على قدراته العقلية المختلفة و التي تتمثل في الإدراك و التخيل و الذكاء ...الخ بالإضافة إلى الذاكرة كونها تحتل
مكانة مرموقة في حياة الفرد باعتبارها الوسيلة الوحيدة المعتمدة في حفظ خبرات الماضي لأجل التكيف مع
ظروف الحاضر ، واستشراف المستقبل كون الإنسان كائن زمني يملك القدرة على معايشة الزمن بأبعاده
الثلاثة ، مما جعلها تحض بإهتمام كبير لدى الكثير من الباحثين و الفلاسفة فقد انصب اهتمامهم حول إبراز
طبيعتها ، فهناك من يرى بأنها فاعلية مادية مرتبطة بالجسم ، وهناك من يفسرها تفسيرا روحيا معتبرينها
وظيفة نفسية ، إذا فما حقيقة الأمر؟ وهل الذاكرة وظيفة بيولوجية أم نفسية ؟
الموقف الأول :
يرى الماديون أن الذاكرة وظيفة بيولوجية ، فعملية التذكر مجرد محصلة لنشاط الآلية العصبية و الذكريات تسجل في خلايا القشرة الدماغية نتيجة الإدراكات السابقة ، فالدماغ وعاء و مستودع الذكريات فهو يسجلها
و يحتفظ بها و يمكن استرجاعها بفعل إدراكات الحاضر و هذا ما يؤكده ريبو من خلال أدلته المستمدة من معطيات التشريح الإكلينيكي المتعلق ببعض أمراض الذاكرة و المتمثلة في " الحبسة الحركية " المصاحبة للإصابات التي تمس منطقة " بروكا "التي تمثل قاعدة التلفيف الثالث من الجبهة الشمالية ، كما أن حدوث نزيف في الفص الجداري الأيمن يحدث فقدان للمعرفة الحسية اللمسية في الجهة اليسرى ، فالمصاب لا يتعرف إلى الأشياء و لو كان يحس بجميع جزئياتها و يعطي الدكتور دولى مثال على البنت التي
أصابتها رصاصة في الجهة اليمنى من الدماغ و التي أدت إلى فقدان المعرفة اللمسية باليد اليسرى. مما يوحي
لنا و كأن الذكريات موضوعة في منطقة معينة من الدماغ حتى ما أصيبت هذه المنطقة بأي نوع من أنواع
التلف زال معها ما كانت تحتفظ به و هذا ما يذكرنا بموقف الحكيم ابن سينا الذي قال عن الذاكرة " إنها قوة
محلها التجويف الأخير من الدماغ من شأنها حفظ ما يدركها الوهم من المعاني الجزئية " و يسانده في هذا الطرح
الفرنسي تين بقوله " المخ وعاء لحفظ الذكريات " ، فبحسب هذه المواقف كلها يتجلى لنا أن الذاكرة و ظيفة
مادية .
النقد :
لكن لو كانت الذكريات تسجل في خلايا الدماغ كما يعتقد الماديون لأدى تلف الخلايا إلى فقدان الذكريات
بصورة نهائية في حين أننا نلاحظ أن الشخص المصاب قد ينجح في استعادة ذكرياته اثر صدمة انفعالية
مما يدل أن وظيفة الدماغ لا تتمثل في تخزين الذكريات بل في استرجعاها فقط عل حد تعبير برغسون .
الموقف الثاني :
خلافاً لما سبق فإن النزعة النفسية تعتقد أن الذاكرة وظيفة حيوية مرتبطة بالروح ، و من الذين يؤكدون على
ذلك نجد برغسون حيث يضفي هذا الأخير طابعا روحانياً على الذاكرة فيؤسس موقفه على التفرقة بين
نوعين من العادة إحداهما الذاكرة العادة و هي ذاكرة جسمية حركية آلية وليدة التكرار و الثانية ذاكرة
روحية سيكولوجية تولد تامة تحتفظ بالماضي دفعة واحدة بصورة مستقلة ذات طبيعة إرادية . فالذكريات
الحقيقية تحفظ في النفس فإذا حدث أن فقد الإنسان بعض ذكرياته بفعل خلل أو عطب عند إصابة الدماغ ،
فإن الذكريات تبقى محفوظة في النفس فقط لا نستطيع استرجاعها لأن جهاز الإسترجاع المتمثل في الدماغ
تعطل ، فكل ماعشناه و أحسسناه و أحببناه منذ اللحظة الأولى يبقى محفوظا في شعورنا و إلى الأبد فالذاكرة
ليست مادية ، إنها مستقلة عن الآلية العصبية و هي توجد في مستوى آخر هو المستوى النفسي الذي تعجز
النشاطات العصبية عن تفسيره .
كما لا ننسى أن التحليل النفسي نظر إلى الذاكرة نظرة شعورية لأن " أغلب مداركنا تترل إلى عمق الذاكرة حيث
تستقر و تبقى تمارس نشاطها اللاشعوري " ، ونظرية الكبث خير شاهد على البعد النفسي للذاكرة حتى أن فرويد جعل " النسيان دليلا على تجليات اللاشعور" . من خلال كل هذا نخلص إلى نتيجة مفادها أن الذاكرة ذات طابع
سيكولوجي
النقد :
إن الصبغة الروحية التي طبعت تفسير برغسون للذاكرة زادها غموضا و أصبحت مستعصية على التفسير
العلمي ، لأنه لا يمكن الفصل بين ما هو نفسي و ها هو جسمي ، فالذاكرة السليمة تقتضي جهازاً عضوياً
سليماً بدليل أن الكثير من الأشخاص يتعرضون لصدمات نفسية عنيفة ، و لكنهم لا يفقدون الذاكرة ، بل
يصابون بأمراض بيولوجية .
التركيب:
إن الإنسان ليس كائن ماديا فحسب،بل هو كذلك كائنا نفسيا كما أنه يرتبط بالمجتمع ، وإذا كان التفسير العلمييميل إلى التفسير المادي ،فان ذلك راجع إلى كون العلم لا يهتم إلا بما هو ملموس ،ولكن هذا لا يعني استبعاد دور النشاط النفسي في تفسيرالذاكرة ،كما أنه لايمكن إهمال الجانب الإجتماعي،حيث يرى أنصار النزعة الإجتماعية أن الذاكرة مرتبطة بأطر إجتماعية.
يقول بيار جاني" لو كان الإنسان يعيش منعزلا عن الحياة الإجتماعية لما كان بحاجة إلى ذاكرة "
و يرى هالفاكس أن التعرف على ذكرى ما بأنها ماضية يرتكز على أطر اجتماعية، هي بمثابة نقاط ارتكازية تمكنني من تحديد الذكريات، وتتمثل هذه النقاط الإرتكازية في الأحداث الإجتماعية التي تسترجع
ذكرياتنا، بالإعتماد عليها مثل الأحداث الكبرى و الأعياد الوطنية و الدينية.
الخاتمة:
إن منطق التحليل و مصاره يقتضي منا الوصول الى نتيجة مفادها أن الذاكرةوظيفة إنسانية منظمة و معقدة
فهي ليست بيولوجية محضة ،و ليست نفسية محضة، بل هي نتاج تشابك وظائف وتفاعل عوامل عدة منها
السيكولوجية والبيولوجية ، كما لا ننسى دور العوامل الإجتماعية كل ذلك يؤثر في وظيفة الذاكرة و يتحكم
فيها و يحدد طبيعتها .